تحدثُ السكتةُ الدماغيةُ عندما ينقطع تدفُّقُ الدمِ عن جزءٍ من الدماغ، مما يؤدِّي إلى نقصٍ في الأكسجين وموتِ الخلايا الدماغية. هذا الانقطاعُ السريعُ في وظيفةِ الدماغِ يُعَدُّ واحدًا من أهمِّ أسبابِ الإعاقةِ والوفاةِ في العالم. الوقتُ هنا مهمٌّ جدًّا، كلَّما تمَّ التعرُّفُ على السكتة الدماغية وتمَّ علاجُها مبكِّرًا، كلَّما قلَّتْ فرصُ تضرُّرِ الدماغ.
دعُونا نستعرضُ ما هي السكتة الدماغية، كيفيةُ تمييزِها، كيفيةُ علاجِها، وما هي الخطواتُ الوقائيةُ التي تقلِّلُ من خطر الإصابة بها.
تتكوَّنُ أدمغتُنا من ملياراتِ الخلايا العصبية التي تحتاج إلى تدفُّقٍ مستمرٍّ من الدمِ المحمَّلِ بالأوكسجين والطاقة لكي تعمل.
كلُّ جزءٍ من الدماغِ له وظيفةٌ مختلفة
الفصُّ الجبهيُّ: يتحكَّمُ بالحركة، التخطيط، والسِّماتِ الشخصية –
الفصُّ الجداريُّ والفصُّ القذالي: يعالجان المدخَلاتِ الحسيةَ من العينين، الأذنين، الأنف، اللسان، والجلد، ويعطيانِنا إدراكًا للعالم من حولنا –
الفصُّ الصدغيُّ: يتحكَّمُ بالسمع، فَهْمِ اللغة، الكلام، وتنظيمِ العواطف، كما يعملُ مع العُقَدِ القاعدية للتحكُّمِ بالمشاعر –
المخيخ: مسؤولٌ عنِ التوازُنِ والتنسيق الحركي، ويعملُ على توفير تحكُّمٍ سلسٍ ودقيقٍ بالحركة –
جذع الدماغ: يتحكَّمُ بالوظائف الأساسية الحيوية مثل معدَّلِ نبضات القلب، التنفُّسِ، ويربط الدماغ بالحبل الشوكي –
تحدثُ السكتة الدماغية عندما ينسدُّ أحدُ الأوعية الدموية في الدماغ بواسطةِ خثرةٍ دمويةٍ (جلطة)، مما يؤدِّي إلى تلفٍ في الدماغ، حيث تبدأ خلايا الدماغ بالموت بسرعةٍ كبيرةٍ بسببِ نقص الأوكسجين.
اتَّبِعْ طريقة F.A.S.T لاكتشافِ السكتة الدماغية. حيث إنِّ مختصر F.A.S.T يعني (Face, Arm, Speech, Time)، أيْ (الوجه، الذراع، الكلام، الوقت) على التوالي، وكما يلي:
Face: التَّدَلِّيْ أو الضعفَ في الوجه –
Arm: الضعفَ في الذراع –
Speech: صعوبةً في الكلام –
Time: الوقتُ عاملٌ مهمٌّ، اتَّصِلْ بالإسعافِ فورًا إذا ظهرتْ أيٌّ من هذه العلامات –
يتضمَّنُ علاجُ السكتةِ الدماغية: التقييمَ السريع، التصويرَ بالأشعة، إعطاءَ أدويةٍ لإذابةِ الجلطة، إجراءَ عمليةٍ لإزالة الجلطة، معرفةَ الأسباب وراء الجلطة، والبدءَ بالعلاج التأهيلي.
عواملُ الخطر الشائعةُ للسكتة الدماغية هي: السكَّري، ارتفاعُ ضغط الدم، التدخينُ، الإفراطُ في شرب الكحول، ارتفاعُ الكوليسترول. من المهمِّ السيطرةُ على هذه الحالات بشكلٍ تام.
الالتزامُ بالأدوية، تعديلُ نمطِ الحياة من ناحيةِ الرياضة والحِمْيةِ الغذائية، والإدراكُ التامُّ لعواملِ الخطر الشخصية، كلُّها تقلِّلُ منِ احتمالاتِ الإصابة بالسكتة الدماغية.
عند وصول المريض إلى المستشفى، يتمُّ تقييمُ حالتِه فورًا من قِبَلِ الأطباء، وغالبًا يتمُّ أخذُ أشعةٍ مقطعيةٍ للدماغ (CT Scan) لتأكيد التشخيص. إذا كانتِ السكتةُ الدماغية قد حصلتْ قبل بضعِ ساعات، فقد يقوم الأطباء بإعطاءِ أدويةٍ للمصاب لتذويب الجلطة، أو قد يقومون بإجراءِ قسطرةٍ دماغيةٍ لإزالة الجلطة يدويًا.
ولكنْ، هذه العلاجاتُ تكوْنُ فعَّالةً فقط في حالِ أُعطِيَتْ خلالَ وقتٍ قصيرٍ من الإصابة. فُرَصُ تشافي المصابِ تكوْنُ أفضلَ كلَّما تمَّ إعطاءُ العلاج بوقتٍ مبكِّر.
بعد العلاجِ الفوريِّ، تبدأُ مرحلةُ إعادةِ التأهيل (التعافي). وهذه المرحلةُ ضروريةٌ جدًا، حيث تساعدُ الناجين من السكتة الدماغية على استعادةِ الوظائف المفقودة، مثل النطق، الحركة، والقدرات الإدراكية. العلاج ُ الفيزيائي وإعادةُ التأهيل قد يستغرقان عدَّةَ أشهرٍ، ولكنْ مع الصبر والمثابرة، فإنَّ العديدَ من المصابين بالسكتة الدماغية يحقِّقونَ تقدُّمًا واضحًا نحو التشافي.
التعافي من السكتة الدماغية يختلفُ من شخصٍ لآخر، بعضُ الأشخاص يستعيدون وظائفَهم بالكامل، بينما قد يعاني آخرون من إعاقةٍ طويلةِ الأمد. يكمنُ الأملُ في البدء في إعادة التأهيل بأسرعِ وقتٍ ممكِنٍ لتحسينِ فُرَصِ التعافي.
بعضُ العوامل في نمط الحياة، بالإضافة إلى بعضِ الحالات المرضية يزيدانِ منِ احتمالِ الإصابةِ بالسكتةِ الدماغية. وتشمل
ارتفاع ضغط الدم –
السكَّري –
التدخين –
الإفراط في شرب الكحول –
ارتفاع الكوليسترول –
من الضروريِّ إدارةُ هذه العواملِ عبرَ تغييراتٍ في نمطِ الحياة مثل ممارسةِ التمارين الرياضية بانتظامٍ، اتِّباعِ نظامٍ غذائيٍّ صحٍّيٍّ، والسيطرةِ على ضغطِ الدمِ ومستوى السكَّرِ في الدم، كلُّها تساعدُ على تقليلِ مخاطرِ الإصابة بالسكتة الدماغية.
على الرغم من أنَّ الجيناتِ تلعبُ دورًا في احتمالية التعرُّضِ لسكتةٍ دماغية، إلا أنَّ هنالك بعضَ الخطوات التي من الممكِنِ اتِّبَاعُها لتقليلِ فُرَصِ السكتةٍ الدماغية:
لا تدخِّنْ: يضرُّ التدخينُ بالأوعية الدموية ويزيدُ من خطر الجلطات.
سيطِرْ على ضغطِ الدم، الكوليسترول، ومستويات السكَّرِ في الدم.
اتَّبِعْ حِمْيَةً غذائيةً متوازنةً: ركِّزْ على الحبوب الكاملة، الخضار والفواكه. وقلِّلْ من الملح والدهون المشبعة والسكَّر.
مارِسِ الرياضةَ بانتظامٍ: حاوِلْ أنْ تمارِسَ التمارينَ المعتدلةَ لمدة 30 دقيقة معظَمَ أيامِ الأسبوع.
قلِّلْ من تناوُلِ الكحول: الإفراطُ في استهلاك الكحول يرفعُ ضغطَ الدم ويزيدُ خطرَ الجلطات.
يجبُ الانتباهُ إلى أنَّ بعضَ الأشخاصِ قد يكونُ لديهم عاملٌ جينيٌّ وراثيٌّ أو حالاتٌ مثلُ الرجفان الأذيني، والتي ترفعُ من خطرِ الإصابة بسكتةٍ دماغية. إنْ كان لديكَ تاريخٌ عائليٌّ من الإصابة بالسكتة الدماغية أو مشاكلَ صحيةٍ مشابهةٍ، فاستشِرْ طبيبَكَ من أجل إجراءاتٍ وقائيةٍ إضافية.
دماغ البشر مذهلٌ للغاية وله قدرةٌ قوية ٌعلى التكيُّف. بعد الولادة، ينمو الدماغُ إلى ثلاثةِ أضعافِ حجمِه خلال السنةِ الأولى، ويستمرُّ في النموِّ والتطوُّرِ حتى سنِّ الــ18. معدَّلُ وزنِ الدماغ حوالي 1.5 كغ، أي ما يعادلُ 2% من وزن الجسم الكلِّيِّ، ورغم ذلك، فإنه يستهلكُ 20% من الأوكسجين الكلِّيِّ في الجسم.
فلنكُنْ ممتنِّينَ لهذه الهبة العظيمة، ولنستعْمِلها لتعلُّمِ مهاراتٍ جديدة، ونطوِّرْ أفكارًا جديدةً، ونحسِّنْ من عالَمِنا.
إليكَ بعضَ الأسئلةِ المهمةِ التي من الممكِنِ أنْ تطرحَها على طبيبِكَ لكي تستوضِحَ أكثرَ حول السكتة الدماغية:
ما هي العواملُ الشائعةُ التي تزيدُ من خطرِ الإصابة بالسكتة الدماغية؟ وكيف من الممكِنِ إدارتُها؟
ما هي العلاماتُ التحذيريةُ التي تشيرُ لحدوثِ السكتة الدماغية والتي يجبُ عليَّ الانتباهُ لها؟
ما هي الفحوصاتُ اللازمةُ للتأكُّدِ من تشخيصِ السكتة الدماغية؟
ما خياراتُ العلاجِ المتاحَةُ؟ وما هي الفوائدُ والمخاطرُ لكلٍّ منها؟
ما التغييراتُ في نمطِ الحياةِ التي يمكِنُ أنْ تساعدَني لتقليلِ خطرِ الإصابةِ بالسكتةِ الدماغية؟
هل هنالك أدويةٌ أو إجراءاتٌ وقائيةٌ تنصحُ بها للأشخاصِ المعرَّضين لخطرِ الإصابةِ بالسكتةِ الدماغية؟
ما هي برامجُ إعادةِ التأهيلِ والتشافي المتوفِّرةُ لمن ينجو من السكتة الدماغية؟
كم من الوقت يستغرقُ التعافي من السكتة الدماغية؟ وما مقدارُ التحسُّنِ المتوقَّعِ؟
ما هي مصادرُ الدعمِ المتوفِّرةُ للمرضى المصابين بالسكتة الدماغية ولعائلاتهم؟